Subscribe to our weekly newsletters for free

Subscribe to an email

If you want to subscribe to World & New World Newsletter, please enter
your e-mail

Energy & Economics

مقارنة بين مبادرة حزام الأرز الكورية الجنوبية ومبادرة الحزام والطريق الصينية، ودورهما في إفريقيا، ومشاريع التنمية في مصر

مؤتمر الشراكة المستقبلية بين كوريا وأفريقيا في جونغنو-غو، سيول

Image Source : Korea International Cooperation Agency (KOICA)

by نادية حلمي

First Published in: May.05,2025

May.05, 2025

يأتي تحليلي للعلاقات الكورية الجنوبية مع مصر، ومقارنتي بالصين، تخصصي الأكاديمي والبحثي، في الوقت الذي تحتفل فيه مصر وكوريا الجنوبية بالذكرى الـ 30 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما في 14 أبريل/نيسان 2025. شهدت العلاقات بين البلدين تطورا مستمرا، شمل مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية على مدى العقود الثلاثة الماضية. تعود العلاقات المصرية الكورية إلى عام 1948، عندما اعترفت مصر رسميا باستقلال جمهورية كوريا الجنوبية. ويمتد التعاون المصري الكوري الجنوبي حاليا إلى التعاون التنموي على مدى السنوات الخمس المقبلة لتلبية متطلبات التنمية، وتعزيز التحول إلى اقتصاد أخضر، وتوسيع مشاريع البنية التحتية المستدامة. لا سيما مع اختيار كوريا الجنوبية لمصر كشريك استراتيجي في خططها للتعاون التنموي للفترة 2022-2026. في حين تستثمر الصين في مبادرة الحزام والطريق الضخمة، وتستخدم روسيا أذرعها الأمنية لتعزيز حضورها في إفريقيا، تُركز كوريا الجنوبية على نوع مختلف من الحزام المتعلق بالأمن الغذائي. تهدف مبادرة حزام الأرز التي تقودها كوريا الجنوبية، وخاصة في القارة الإفريقية، إلى تعزيز إنتاج الأرز في الدول الإفريقية من خلال إدخال أصناف عالية الغلة من الأرز، وتوفير البذور، وتوفير التدريب، ودعم أنظمة الري. ومن خلال شراكات مع ثماني دول إفريقية، أبرزها الكاميرون، وغامبيا، وغانا، وغينيا بيساو، وكينيا، والسنغال، وأوغندا، تستثمر كوريا الجنوبية في بناء القدرات الزراعية وتعزيز زراعة الأرز وتوزيعه في هذه الدول الإفريقية وغيرها، لتعزيز الأمن الغذائي من خلال شراكات بين كوريا الجنوبية والدول الإفريقية. ومن خلال المبادرات الكورية الجنوبية الرئيسية، مثل المساعدة الإنمائية الرسمية، وبرامج بناء القدرات، ونقل التكنولوجيا، وحزام الأرز، تهدف كوريا الجنوبية إلى سد فجوة التنمية وتعزيز دورها كقوة عالمية محورية. مع وصول الرئيس الأمريكي "ترامب" إلى ولايته الثانية، وبعد سلسلة من الحروب التجارية مع الصين خلال ولايته الأولى، وزيادة التعريفات الجمركية عليها بأكثر من 100%، أصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين محفوفة بالتوتر، لا سيما مع رد الصين الحازم على الإدارة الأمريكية بسياسة المعاملة بالمثل الانتقامية، والمعاملة بالمثل لبكين بزيادة التعريفات الجمركية المفروضة على السلع والمنتجات الأمريكية، بل وحتى فرض الصين قيودا تجارية على الشركات الأمريكية العاملة داخل أراضيها، وخاصة تلك المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي المعروف "إيلون ماسك". وهنا نرى مدى استفادة كوريا الجنوبية حاليا من التوترات بين القوتين العظميين الصينية والأمريكية، كونها جهة فاعلة صغيرة في إدارة العلاقات بين القوى الكبرى. هذا بالضبط ما قاله كيون لي، نائب رئيس المجلس الاستشاري الاقتصادي الوطني السابق لرئيس كوريا الجنوبية، والحائز على جائزة شومبيتر لعام 2014، ومؤلف كتاب "China: Technological Leapfrogging and Economic Catch-Up: A Schumpeterian Perspective"، الصادر عن: (دار نشر جامعة أكسفورد، 2022)، في هذا الكتاب المذكور، يحلل كيون لي الوضع بالنسبة لكوريا الجنوبية وطبيعة النزاع بين الصين والولايات المتحدة، مؤكدا أن الشركات الكورية الجنوبية تجني فوائد كبيرة من القيود التجارية والتكنولوجية التي تفرضها الولايات المتحدة على الصين، والتي أدت على الأقل إلى إبطاء "إضفاء الطابع الصيني" على التصنيع وسلاسل القيمة العالمية. ونظرا لأن كوريا الجنوبية والصين تنتجان عددا كبيرا من نفس السلع والأنواع، مثل: (الإلكترونيات الاستهلاكية والبطاريات والسيارات والسفن) وأكثر من ذلك، وفقا لتحليل كيون لي، فكلما قل تناقص حصة الصين في السوق الأمريكي والغربي، زادت حصة كوريا الجنوبية. في الواقع، أعطت العقوبات الغربية والأمريكية، وخاصة تلك المفروضة على شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي (Huawei)، زخما لها. مثل المبيعات العالية للأنظمة اللاسلكية لسامسونج (Samsung). وبالمثل، إذا قلت فرص وصول الصناعة الصينية إلى التكنولوجيا الغربية، فمن المرجح أن تتجه نحو الشركات الكورية الجنوبية. وتسعى كوريا الجنوبية إلى الاستفادة من هذا الوضع من خلال تبني استراتيجية تطوير جديدة للشراكات مع مصر ودول إفريقية أخرى، وعقد أول قمة كورية جنوبية إفريقية في يونيو/حزيران 2024. هنا، يُمكننا إجراء مقارنة بسيطة بين الأدوار التنموية للصين وكوريا الجنوبية في القارة الإفريقية. تركز الصين بشكل أساسي على قوتها المالية الهائلة من خلال مبادرة الحزام والطريق، بالإضافة إلى جهودها الرامية إلى إحداث تغيير جذري في طبيعة الدول الإفريقية. اللافت للنظر هو أن كوريا الجنوبية، التي تمتلك نقاط قوة كبيرة، قررت الانضمام إلى الركب لتربح في إفريقيا. كوريا الجنوبية حريصة على الابتعاد عن اتباع النموذج الصيني في إفريقيا. وكما أُشير خلال القمة الأولى بين كوريا الجنوبية وإفريقيا في يونيو/حزيران 2024، تعد كوريا الجنوبية كجسر أو قناة اتصال في المجتمع الدولي كقوة متوسطة مسؤولة، استنادا إلى تجربتها التنموية الخاصة مقارنة بالصين. مع ملاحظة حرص كوريا الجنوبية على تجنب تقديم نفسها كمنافس قوي للصين أو غيرها داخل القارة الإفريقية. يبدأ التاريخ الحديث للعلاقات الكورية الجنوبية مع إفريقيا مع الحرب الكورية في 25 يونيو/حزيران 1950، بمشاركة وحدات من الجيشين الإثيوبي والجنوب إفريقي ضمن قوات الأمم المتحدة. وشمل ذلك "وحدة ميحال سيفاري"، وحدة الحراسة الشخصية للإمبراطور الإثيوبي، التي تم إرسالها لدعم كوريا الجنوبية، على الرغم من أن إثيوبيا كانت من أفقر دول العالم آنذاك. وقد ساهمت هذه المساعدات الإثيوبية في بناء علاقات ودية ومميزة بين البلدين بعد انتهاء الحرب. ونتيجة لذلك، تم إنشاء مكتب للاتحاد الإفريقي في كوريا الجنوبية داخل السفارة الإثيوبية، وأنشأت الحكومة الكورية الجنوبية حديقة تذكارية تكريما للجنود الإثيوبيين الذين شاركوا في الحرب دعما لكوريا الجنوبية. ونظرا لأهمية الشراكة مع كوريا الجنوبية، حرص الرئيس السيسي خلال زيارته لكوريا الجنوبية على تعزيز جهود الدولة المصرية لتوطين الصناعة الكورية الجنوبية في مصر، مما يعكس الآفاق الواعدة لشراكات مصرية متنوعة ومرتقبة مع كوريا الجنوبية. وهنا نجد التزام الرئيس السيسي بتوطين التكنولوجيا الكورية الجنوبية في مصر، والذي تجلى بوضوح في توطين صناعة عربات السكك الحديدية الكورية الجنوبية في مصر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. يهدف هذا إلى تعزيز المحتوى المحلي المصري تدريجيا، ودعم جهود التوريد المصرية للأسواق في المنطقة العربية وإفريقيا، من خلال شراكات مصرية بين القطاعين العام والخاص في كوريا الجنوبية. ولذلك، نجد الرئيس السيسي حريصا على الاستفادة من الخبرة الكورية الجنوبية في توطين التكنولوجيا وجذب الاستثمارات الأجنبية، مما يُسهم في خلق ما يقرب من 5,000 فرصة عمل للشباب المصري في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة. على الصعيد التنموي، تحرص كوريا الجنوبية على تقديم منح تنموية لمصر وجميع الدول الإفريقية، من خلال "الوكالة الكورية للتعاون الدولي" (KOICA)، وخاصة في مجالات التعليم العالي، والملكية الفكرية، والتدريب المهني، وتكنولوجيا المعلومات، وإنشاء نظام إلكتروني للمشتريات الحكومية، والتمكين الاقتصادي للمرأة، ومكافحة العنف. في غضون ذلك، يتميز تمويل التنمية الميسر لكوريا الجنوبية بتنوعه، حيث يغطي (السكك الحديدية، وتصنيع عربات مترو الأنفاق، وبرامج نقل المعرفة، وبرامج بناء القدرات الحكومية). ازداد التعاون المصري الكوري الجنوبي في ضوء الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لا سيما في ضوء اختيار كوريا الجنوبية لمصر شريكا استراتيجيا في التعاون التنموي للسنوات الخمس المقبلة. ويتم تمويل العديد من المشاريع الكورية الجنوبية في مصر من خلال نافذة التمويل الميسر التي يوفرها صندوق التعاون الاقتصادي والتنمية الكوري (KEDCF)، التابع لبنك التصدير والاستيراد الكوري. وقد تجلى ذلك في اتفاقية تمويل تنموي كوري جنوبي بقيمة 460 مليون دولار أمريكي مع مصر لتنفيذ مشروع تصنيع وتوريد 40 وحدة قطار (320 عربة) للخطين الثاني والثالث لمترو القاهرة الكبرى. كما تتمتع الشركات الكورية الجنوبية بحضور قوي في العاصمة الإدارية الجديدة ومحور تطوير قناة السويس، وأبرزها شركة هيونداي روتيم (Hyundai Rotem) في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وتضم مجموعة هيونداي روتيم (Hyundai Rotem Group) أكثر من 14 شركة كورية جنوبية تعمل في ثلاثة قطاعات رئيسية: القطارات ومعدات السكك الحديدية، والصناعات العسكرية المتعلقة بالأسلحة البرية، والآلات والمعدات الثقيلة، والبنية التحتية للطاقة، والحديد والصلب. كما أنها شركة رائدة في التقنيات الحديثة المتعلقة باستخدام وقود الهيدروجين في المركبات والمعدات. تتنوع العلاقات المصرية الكورية الجنوبية في مجالات عديدة، لا تقتصر على جهود التعاون التنموي بين البلدين، بل تمتد أيضا إلى التجارة والاستثمار والثقافة، حيث تستثمر العديد من الشركات الكورية الجنوبية في مصر في مجالات متنوعة، كالتكنولوجيا والاتصالات والإلكترونيات وغيرها. وخلال زيارته الأخيرة لكوريا الجنوبية، حرصت الحكومة المصرية والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على تعزيز التعاون مع الجانب الكوري الجنوبي وتقديم الدعم الكامل للاستثمارات الكورية الجنوبية في مصر، والتي تشمل مجموعة واسعة من المجالات. تعد كوريا أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر في شرق آسيا. كما تعد كوريا الجنوبية مصدرا مهما لنقل الخبرة والتكنولوجيا الصناعية إلى مصر. وهناك العديد من مجالات التعاون المحتملة بين كوريا الجنوبية ومصر في مشاريع محطة الضبعة النووية، أبرزها: (التصنيع المشترك في قطاع الإلكترونيات، حيث تُصنع المنتجات الكورية لشركتي سامسونج (Samsung) وإل جي (LG) بأيدي مصرية). فضلا عن ذلك، تُجرى 90% من صادرات مصر من الإلكترونيات بالتعاون مع كوريا الجنوبية. بالإضافة إلى ذلك، هناك تعاون مثمر بين البلدين في مشاريع السيارات الكهربائية، وتحلية مياه البحر، ومشاريع تطوير السكك الحديدية. في عام 2022، أعلنت كوريا الجنوبية عن قرض بقيمة مليار دولار أمريكي لمصر من صندوق التعاون الإنمائي الكوري الجنوبي. يأتي ذلك في إطار جهود كوريا الجنوبية لبناء شراكة تعاونية مع مصر وتعزيز التنمية المستدامة بين البلدين. كما تهدف هذه الاتفاقية إلى إبرام اتفاقيات تجارية وتوسيع نطاق التعاون الكوري الجنوبي مع مصر في قطاعات النقل والملاحة البحرية وتطوير الفضاء الصديقة للبيئة. في الوقت نفسه، يتفق البلدان على أهمية التغلب على أزمة المناخ، خاصة بعد استضافة مصر لمؤتمر المناخ الدولي (COP27) في شرم الشيخ. في السنوات الأخيرة، سعت كوريا الجنوبية إلى خلق حالة من التقارب مع القارة الإفريقية، وخاصة مصر. وقد مثلت القمة الكورية الإفريقية الأولى، التي عُقدت في أوائل يونيو/حزيران 2024، علامة فارقة تاريخية، حيث التقى الرئيس الكوري الجنوبي السابق "يون سوك يول" وقادة من 48 دولة إفريقية لتعميق التعاون التجاري والاقتصادي. أدى ذلك إلى انعقاد قمة كوريا-إفريقيا، وهي مبادرة جديدة أطلقتها كوريا الجنوبية لدعم التعاون مع الدول الإفريقية في ضوء التحديات التي تواجهها دول العالم، لا سيما الأمن الغذائي، وتحديات المناخ، وقضايا سلاسل التوريد. ونظرا للمكانة المرموقة لمصر في إفريقيا، سعت كوريا الجنوبية إلى إقامة شراكة استراتيجية مع إفريقيا، ولا سيما مصر، ترتكز على ثلاثة محاور: تعزيز التجارة والاستثمار لتحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة التحديات العالمية، مثل: (تغير المناخ والأمن الغذائي، وتعزيز السلام والأمن والتعاون في المنتديات الدولية). خلال القمة الأولى بين إفريقيا وكوريا الجنوبية، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي السابق يون التزام كوريا الجنوبية بزيادة المساعدات الإنمائية لإفريقيا، متعهدا بتقديم 10 مليارات دولار أمريكي على مدى السنوات الست المقبلة. ويؤكد هذا الدعم المالي الكبير اهتمام كوريا الجنوبية بالثروة المعدنية الهائلة في إفريقيا وإمكاناتها كسوق تصدير رئيسي. وفي كلمته الختامية، ذكر الرئيس السابق "يون" أن: "حوار المعادن المهم الذي أطلقته كوريا الجنوبية وإفريقيا يشكل مثالا لسلسلة توريد مستقرة من خلال التعاون ذي المنفعة المتبادلة ويساهم في التنمية المستدامة للموارد المعدنية في جميع أنحاء العالم". من الجانب الصيني، ونظرا لالتزام الحكومة الصينية بعقد قمم صينية إفريقية، تُعرف باسم "فوكاك (FOCAC)"، منذ عام 2002، والتي تجمع معظم القادة الأفارقة، فإن هذه القمم الصينية الإفريقية تكتسب أهمية بالغة للحكومات الغربية والإدارة الأمريكية. فبينما تُحافظ واشنطن على تحالفها العسكري الرئيسي في شرق آسيا من خلال القوات الأمريكية في كوريا - المتمركزة بحوالي 28,500 جندي في كوريا الجنوبية - فإن قلقها المتنامي يمتد أيضا إلى إفريقيا، حيث يُمثل نفوذ الصين المتزايد، والذي يُمثله عقد القمم الصينية الإفريقية، مصدرا جديدا للاحتكاك والتوتر الجيوسياسي في العلاقات الأمريكية الصينية. ومن خلال علاقاتها الاقتصادية المتقدمة مع الدول الإفريقية، تُقدم الصين مساعدة كبيرة للأنظمة الإفريقية التي تسعى الولايات المتحدة وأوروبا للضغط عليها لمراجعة سجلاتها في مجال حقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة وسياسة الاحتكار وغيرها من القضايا. شهدت العلاقات الصينية الإفريقية تطورا متسارعا، لا سيما في المجال الاقتصادي، الذي تُفضله الصين كمسار سهل ومقبول في تعاملاتها مع الدول النامية، سواء في شكل تبادل تجاري أو قروض أو منح أو هبات استثمارية. وتتميز هذه العلاقات بغياب المشروطية السياسية، مما يميزها عن نظيراتها الغربية ويجعلها مقبولة لدى المجتمعات الإفريقية الفقيرة، على المستويين الرسمي والشعبي. وهذا يسهل مهمة الجهة الفاعلة الصينية في اختراق هذه المجتمعات حتى أصبحت بكين الشريك التجاري الرئيسي للقارة الإفريقية، إذ تعتبر بكين علاقاتها مع الأفارقة جزءا مهما من استراتيجيتها لتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي على المستوى العالمي، وأن تكون محور اهتمام هذه الدول ضمن مفهوم قوتها الناعمة والهادئة، في إطار سياسة العلاقات بين دول الجنوب. ولتحقيق ذلك، تسعى الصين إلى تعزيز مكانتها السياسية داخل القارة الإفريقية، ومخاطبة الحساسيات الإفريقية المثقلة بالتصورات السلبية للاستعمار الغربي. يتحقق ذلك بالحديث عن إصلاح المؤسسات الدولية وتمجيد السيادة الوطنية التي أُعيد اكتشافها بعد الانسحاب الاستعماري الغربي من إفريقيا. كما تُعلن الصين تضامنها مع دول الجنوب من خلال مواقف اقتصادية ووعود تنموية. وهذا هو نفس الكلام الذي يسمعه الأفارقة من قوى عظمى كبكين، في مواجهة الطموحات الغربية. وبناء على ذلك، نفهم مدى التنافس بين الصين وكوريا الجنوبية في مصر ودول إفريقية أخرى، وتبنيهما سياسات القمم الإفريقية من خلال التضامن والتعاون التنموي مع مصر وعبر القارة الإفريقية، ومع طموحات الدول الإفريقية لتنويع أعمالها، فهم يدفعون كلا من بكين وسيول إلى تبني رؤيتهما لبناء عالم متعدد الأقطاب، وحق الأفارقة في مقعد دائم في مجلس الأمن بعد إصلاح الأمم المتحدة، ومعارضة الاستعمار بكل أشكاله ومظاهره الجديدة، وعدم تسييس القضايا الداخلية كحقوق الإنسان والديمقراطية وغيرها.

First published in :

World & New World Journal

저자이미지

نادية حلمي

أستاذة في قسم العلوم السياسية، كلية الدراسات الاقتصاد العلوم السياسية، جامعة بني سويف، مصر. خبيرة في السياسة الصينية وسياسات الحزب الشيوعي الصيني (حاصلة على دكتوراه)، والعلاقات الصينية الإسرائيلية، والشؤون الآسيوية. باحثة أولى زائرة في مركز دراسات الشرق الأوسط (CMES)/جامعة لوند، السويد، ومديرة وحدة دراسات جنوب وشرق آسيا.

Thanks for Reading the Journal

Unlock articles by signing up or logging in.

Become a member for unrestricted reading!